ومنه ما اشتهر عند أئمة هذا الشأن القراءة به قديماً وحديثاً فهذا لا وَجْهَ
للمنع منه، ومن ذلك قراءة يعقوب وغيره.
وقال البغوي: أول من يعتمد عليه في ذلك، فإنه جامع للعلوم، قال: وهكذا التفصيل في شواذ السبعة، فإن عنهم شيئاً كثيراً شاذاً. انتهى.
وقال ولده في منع الموانع: إنما قلنا في جمع الجوامع والسبع متواترة، ثم قلنا في الشاذ: والصحيح أنه ما وراء العشرة، ولم نقل والعشر متواترة، لأن السبع لم يختلف في تواترها، فذكرنا أولاً موضع الإجماع، ثم عطفنا عليه موضع الخلاف، فدل على أن القول بأن القراءات الثلاث غير متواترة في غاية السقوط، ولا يصح القول به عمن يعْتبر قوله في الدين.
قال: وهي لا تخالف رسم المصحف.
قال: وسمعت أبي يشدّد النكير على بعض القضاة، وقد بلغه أنه منعه من القراءة بها، واستأذنه بعض أصحابنا مرة في إقراء السبع، فقال: أذِنْت لكَ أن تقرأ لي العشر. انتهى.
وقال في جواب سؤال سأله ابن الجزري: القراءات السبع التي اقتصر عليها
الشاطبي والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف متواترةٌ معلومة من الدين ضرورة، وكل حرفٍ انفرد به واحد من العشرة معلوم من الدين
بالضرورة أنه قد قرئ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل.
الثالث: باختلاف القراءات يظهر الاختلاف في الأحكام، ولهذا بنَى الفقهاء
نَقْض وضوء الملموس وعدمه على اختلاف القراءة في: (لمستم) ، و (لامَسْتم)
النساء: 43) ، وجواز وطء الحائض عند الانقطاع قبل الغسل وعدمه على
الاختلاف في (يَطْهُرْن) البقرة: 222.
وقد حكوا خلافاً غريباً في الآية إذا قرئت بقراءتين، فحكى أبو الليث
السَّمَرْقَنْدي في كتاب " البستان " قولين: أحدهما - أن الله تعالى قال بهما جميعاً.
الثاني: أن الله تعالى قال بقراءة واحدة، إلا أنه أذن أن تقرأ بقراءتين، ثم اختار