وقيل: هو من قارّ يقار إذا اجتمع.
ومعنى القرار أرجح، لأن سودة رضي الله عنها
ْقيل لها: لِمَ تحتَجِبين؟ فقالت: أمرنا الله أن نقرَّ في بيوتنا، وكانت عائشة
إذا قرأت هذه الآية تبكي على خروجها أيامَ الجمل، وحينئذ قال لها عمار: إن اللهَ أمرك أن تقَرّي في بيتك.
(قال رَدت إني قتَلْتُ منهم نَفْسا) :
هذا من قول موسى، والإشارة بالنفس إلى القِبْطي، فقال الله: ألَمْ أحفظ خضرة الشجرة من النار لم تحرقها ولم تضرها، فكذلك يا موسى احفظك وأنْجيك من فرعون ولا يضرك بشيء، فلما خرج موسى من مصر حين قتل القبطي سأل اللهَ الهداية، فقال: (رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) ، فلم يجبه حتى بعث إلى مصر ثانية، فقال عند خروجه: سمعتُ نِدَاءَك وأجبتكَ، واليوم هديتك إلى كلامي، إني انا الله العزيز الحكيم، فكذلك أنْتَ يا مؤمن لمّا أنزلتُك إلى الدنيا عرَْفت المحن التي توجهَتْ إليك، فقلت: اهدنا الصراط المستقيم، فأسمع وأجيب، تم إذا قرب رجوعك إليّ وفوضتَ أمرك إليّ أقول لك: إني أنا الغفور الرحيم، وأَجعل الجنةَ منزلك ومَثْواك، كما جعلت دِيارَ فرعون ومقامه ميراثا لبني إسرائيل، فأظت: (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) .
فإن قلت: ما ورد في الشعراء، أن الله أهلك القبط على أيدي بني
إسرائيل وأورثهم ملكه ودِيارهم، والذي في الدخان، أن الله أورثها
آخرين ليسوا هم؟
الجواب أنه وقع الخلاف في رجوع بني إسرائيل إلى مصر بعد هلاكِ
فرعون، وقد قدمنا في مشهور التواريخ أنهم لم يرجعوا إليها ولا ملكوها قطّ، وإنما أمرهم الله بدخول الأرض المقدَّسة، ولهذا قال قتادة: القوم الآخرون هم بنو إسرائيل، فورثوا نوعها في بلاد الشام، وإنما سماهم آخرين، لأنهم ليسوا منهم في شيء من قرابة ولا دين ولا وَلاء، لأنهم كانوا مسَخّرين مستعبدين في