مكان منخفض، ثم استعمل في حاجةِ الإنسان، لأن العرب كانوا يطلبون ذلك في قضاء حوائجهم، فكني عن الحدَثِ بالغائط.
(غَمَرات الموت) :
شدائده وكرباته كما يغمر الشيء إذا علاه وغطَّاه، فتذكر أيها الأخ كرباته وسكراته، فإن كنْتَ منهمكاً نفّرك.
وإن كنت تائباً رقاك بمحبة تأخيره لتغنَم أو تعجيله لتسلم.
وإن كنت محبًّا شوّقك، لأن المحب يحبُّ لقاء حبيبه، ولكن التفويض أعلى.
ولو انتظرنا ضربة شرطى لتكدّر عيشنا، فكيف وفي كلّ نفس يمكن مجيء الموت بسكراته وغصصه، ونودُّ أن لو قدرنا على صِيَاح وأنين، ويودُّ مَنْ حضره فترة ساعةٍ، ليقول: لا إله إلا اللَه، فلا يمْهل، وتجْذَب روحه من كل عضو وعِرق، فتبرد قدماه ثم ساقاه، ثم فَخِذاه، وهكذا حتى تبلغ الحلقوم، فعنده ينقطع نظَره إلى دنياه، ويغلق عنه باب توبته، كما روِي:
"إن اللهَ يقبل توبةَ عَبْده ما لم يغرغر".
ثم يرى ملائكةَ ربه تعالى وثناءهم عليه، وقولهم: (اليوم تجْزَوْن عذابَ الْهونِ) .
فيا لها من مصيبة لو عقل، ولهذا كانوا رضي الله عنهم يديمون ذِكْرَ الموت.
ويخافون من سوء العاقبة.
وفي الصحيحين: "إن المؤمن إذا حضره الموت بشّر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحبّ إليه مما أمامه، ومن ختم له بشرٍّ فضدّه، وسببه عقيدةٌ فاسدة تثمر عند موته الجحود أو الشك، فما لم يُرْحَم بتوبةٍ
عذابه دائمٌ، نسأل الله العافية.
وإذا تأملنا وجدنا أسباب سوءِ الخاتمة موجودة فينا، وسأنبئك بأقلها، وهي:
الإصرار على فعل منهيّ، أو صفة مذمومة، كعُجْب ونحوه.
ومنها الغفلة عن ذكر الله، فقد خطف خلق كثير بنزغة الشيطان لتمكنه
منهم.
ولهذا اختار الشارعُ لفْظَ الشهادتين، فإن الشيطان يجهد في شبهة مكفّرة
عند الموت، غالبها في الرسالة، لعلمه اقتصارنا على التعليلة، وكل ما نزغ في التوحيد دفع بلا إله إلا الله، أو في الرسالة دفع بمحمد رسول الله، فكأنَّ التهليلة صلاة، وذكر سيدنا ومولانا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يبطلها، وإن كان أجنبيًّا منها.