ولا يقطعون على الكائن منها، واللَه يعلم الكائنَ منها على الصحة صارت لها نسبتان: نسبة إلى الله تعالى تسمَّى نسبة قطع ويقين، ونسبة إلى المخلوق تسمّى نسبة شكّ وظن، فصارت هذه الألفاظ لذلك تارة ترد بلفظ القطع حسبما هي عليه عند الله نحو: (فسوفَ يأتي اللهُ بقَوْمٍ يحبّهم ويحبونه) .
وتارة بلفظ الشكّ بحسب ما هي عليه عند الْخَلْق، نحو: (فعسَى اللهُ أنْ يأتيَ
بالفَتْح أو أَمرٍ مِنْ عنده) .
(فقولاَ له قَوْلاً ليّناً لعلَّه يتذكَّرُ أو يخْشى) ، وقد علم الله حالَ إرسالها ما يفضي إليه حال فرعون، لكن ورد اللفط بصورة ما يختلج في نفس موسى وهارون من الطمع والرجاء، ولما نزل القرآن بلغة العرب جاء على مذاهبهم في ذلك، والعربُ قد تخْرج الكلام المتيقَّن في صورة المشكوك لأغراض.
وقال ابن الدهان: عسى فعل ماضي اللفظ والمعنى، لأنه طمَعٌ قد حصل في
شيء مستقبل.
وقال قوم: ماضي اللفظ مستقبل المعنى، لأنه إخبار عن طمع يريد
أن يقع.
وردت في القرآن عسى على وجهين:
أحدهما رافعةٌ لاسْمٍ صريح بعده فعل مضارع مقرون بأن.
والأشهر في إعرابها حينئذ أنها فعل ناقص عامل عملَ كان، فالمرفوع اسمُها وما بعده الخبر.
وقيل متعدٍّ بمنزلة قارب معنى وعملاً، أو قاصر بمنزلة قرب، وأنْ يفعل بدل
اشتمال مِنْ فاعلها.
الثاني أن يقع بعدها أن والفعل، فالمفهوم من كلامهم أنها حينئذ تامة.
وقال ابن مالك: عندي أنها ناقصة أبداً، وأنْ وصِلَتها سدَّتْ مسدّ الجزأين
كما في: (أحسِب الناسُ أن يُتْركوا) .