لي اختر مَا يصلح لَك فاخترت وشربت وصب قدحاً ثمَّ قَالَ غن لي قولي

(أحمدٌ قَالَ لي وَلم يَدْرِ مَا بِي ... أتحبُّ الفتاة عتبَة حَقًا) // الْخَفِيف //

فغنيته فَشرب أقداحاً وَهُوَ يبكي أحر بكاء ثمَّ قَالَ غَنِي فِي قولي

(ليسَ لمن ليستْ لهُ حيلةٌ ... موجودةٌ خيرٌ من الصبرِ) // السَّرِيع //

فغنيته وَهُوَ ينتحب ويبكي ثمَّ قَالَ غنني فديتك فِي قولي

(خليلي مَالِي لَا تزَال مُضرتِي ... تكونُ مَعَ الأقدار حَتْماً من الحتمِ) // الطَّوِيل //

فغنيته إِيَّاه وَمَا زَالَ يقترح عَليّ كل صَوت غَنِي بِهِ فِي شعره وَيَقُول غنني بِهِ فأغنيه وَيشْرب ويبكي ثمَّ صَارَت الْعَتَمَة فَقَالَ لي أحب أَن تصبر حَتَّى ترى مَا أصنع فَجَلَست فَأمر ابْنه وَغُلَامه فكسرا كل مَا كَانَ بَين أَيْدِينَا من النَّبِيذ وآلات الملاهي ثمَّ أَمر بِإِخْرَاج كل مَا كَانَ فِي بَيته من النَّبِيذ وآلاته فَمَا زَالَ يكسرهُ وَيصب النَّبِيذ وَهُوَ يبكي حَتَّى لم يبْق من ذَلِك شَيْء ثمَّ نزع ثِيَابه واغتسل وَلبس ثِيَاب بَيَاض من الصُّوف ثمَّ عانقني وَبكى وَقَالَ عَلَيْك السَّلَام يَا حَبِيبِي وفرحي من النَّاس كلهم سَلام الْفِرَاق الَّذِي لَا لِقَاء بعده وَجعل يبكي وَيَقُول هَذَا آخر عَهْدك بِي فِي حَال تعاشر أهل الدُّنْيَا فَظَنَنْت أَنَّهَا بعض حماقاته فَانْصَرَفت فَمَا لَقيته زَمَانا ثمَّ تشوقته قأتيته فاستأذنت عَلَيْهِ فَأذن لي فَدخلت فَإِذا هُوَ قد أَخذ قوصرتين وثقب إِحْدَاهمَا وَأدْخل رَأسه وَيَديه فِيهَا وأقامها مقَام الْقَمِيص وثقب أُخْرَى وَأخرج رجلَيْهِ مِنْهَا وأقامها مقَام السَّرَاوِيل فَلَمَّا رَأَيْته نسيت مَا كَانَ عِنْدِي من الْغم عَلَيْهِ والوحشة لعشرته وضحكت وَالله ضحكاً مَا ضحِكت مثله قطّ فَقَالَ لي من أَي شَيْء تضحك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015