(فصُغْ مَا كنت حَلَّيْتَ ... بِهِ سيفكَ خَلخالا)

(فَمَا تصنعُ بالسيفِ ... إِذا لم تَكُ قتالا) // الهزج //

فَقَالَ عبد الله مَا لبست السَّيْف قطّ فلمحني إِنْسَان إِلَّا قلت يحفظ شعر أبي الْعَتَاهِيَة فِي فَينْظر إِلَيّ بِسَبَبِهِ فَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي اعجبوا لهَذَا العَبْد يهجو مَوْلَاهُ وَكَانَ أَبُو الْعَتَاهِيَة من موَالِي بني شَيبَان

وَحدث الْمَدَائِنِي قَالَ اجْتمع أَبُو نواس وَأَبُو الشمقمق فِي بَيت ابْن أذين وَجَاء أَبُو الْعَتَاهِيَة وَكَانَ بَينه وَبَين أبي الشمقمق شَرّ فخبأه من أبي الْعَتَاهِيَة فِي بَيت وَدخل أَبُو الْعَتَاهِيَة فَنظر إِلَى غُلَام عِنْدهم فِيهِ تَأْنِيث فَظَنهُ جَارِيَة فَقَالَ لِابْنِ أذين مَتى استظرفت هَذِه الْجَارِيَة قَالَ قَرِيبا يَا أَبَا إِسْحَاق فَقل فِيهَا مَا حضر فَمد أَبُو الْعَتَاهِيَة يَده إِلَيْهِ وَقَالَ

(مددتُ كَفِّي نحوكم سَائِلًا ... مَاذَا تردُّون على السَّائِل) // السَّرِيع //

فَلم يلبث أَبُو الشمقمق حَتَّى ناداه من دَاخل الْبَيْت بِهَذَا الْبَيْت

نرد فِي كفك ذَا فَيْشَةٍ ... يشفي جَوّى فِي استك من دَاخل)

فَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة أَبُو الشمقمق وَالله وَقَامَ مغضبا

وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة حَبَسَنِي الرشيد لما تركت قَول الشّعْر فأدخلت السجْن وأغلق الْبَاب عَليّ فدهشت كَمَا يدهش مثلي لذَلِك الْحَال فَإِذا أَنا بِرَجُل جَالس فِي جَانب الْحَبْس مُقَيّد فَجعلت أنظر إِلَيْهِ سَاعَة ثمَّ تمثل وَقَالَ

(تعوَّدْتُ مَسَّ الضّر حَتَّى ألفتُهُ ... وأسلمني حسنُ العزاء إِلَى الصَّبْر)

(وصيرني يأسي من النَّاسِ راجياً ... لحسن صَنِيع الله من حَيْثُ لَا أَدْرِي) // الطَّوِيل //

فَقلت لَهُ أعد أعزّك الله هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ لي وَيلك يَا أَبَا الْعَتَاهِيَة مَا أَسْوَأ أدبك وَأَقل عقلك دخلت عَليّ الْحَبْس فَمَا سلمت تَسْلِيم الْمُسلم على الْمُسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015