وَعَن عبد الْعَزِيز بن عمر رحمهمَا الله أَن أُنَاسًا من أهل الْمَدِينَة المنورة كَانُوا يهزأون بِكَثِير فَيَقُولُونَ وَهُوَ يسمع إِن كثيرا لَا يلْتَفت من تيهه فَكَانَ الرجل يَأْتِيهِ من وَرَائه فَيَأْخُذ رِدَاءَهُ فَلَا يلْتَفت من الْكبر ويمضي فِي قَمِيص
وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان معجباً بِشعرِهِ قَالَ لَهُ يَوْمًا كَيفَ ترى شعري يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ أرَاهُ يسْبق السحر ويغلب الشّعْر
وَقَالَ عبد الْملك لَهُ يَوْمًا من أشعر النَّاس يَا أَبَا صَخْر قَالَ من يروي أَمِير الْمُؤمنِينَ شعره فَقَالَ لَهُ عبد الْملك إِنَّك لمنهم
وَحدث كثير قَالَ مَا قلت الشّعْر حَتَّى قولته قيل لَهُ وَكَيف ذَاك قَالَ بَينا أَنا نصف النَّهَار أَسِير على بعير لي بالغميم أَو بقاع حمْرَان إِذْ رَاكب قد دنا إِلَيّ حَتَّى صَار إِلَى جَنْبي فتأملته فَإِذا هُوَ من صفر وَهُوَ يجر نَفسه فِي الأَرْض جراً فَقَالَ لي قل الشّعْر وألقاه عَليّ قلت من أَنْت قَالَ قرينك من الْجِنّ فَقلت الشّعْر
وَكَانَ أول أمره مَعَ عزة الَّتِي يتعشقها أَنه مر بنسوة من بني ضَمرَة وَمَعَهُ جلب غنم فأرسلن إِلَيْهِ عزة وَهِي صَغِيرَة فَقَالَت لَهُ يقلن لَك النسْوَة بعنا كَبْشًا من هَذِه الْغنم وأنسئنا بِثمنِهِ إِلَى أَن ترجع فَأَعْطَاهَا كَبْشًا وأعجبته فَلَمَّا رَجَعَ جَاءَتْهُ امْرَأَة مِنْهُنَّ بدراهمه فَقَالَ وَأَيْنَ الصبية الَّتِي أخذت مني الْكَبْش قَالَت وَمَا تصنع بهَا هَذِه دراهمك قَالَ لَا آخذ دراهمي إِلَّا مِمَّن دفعت إِلَيْهِ وَولى وَهُوَ يَقُول
(قَضى كلُّ ذِي دَينِ فَوَفَّى غَريمَهُ ... وعَزةُ ممطُولٌ مُعنَّى غريمها) // الطَّوِيل //
فَقُلْنَ لَهُ أَبيت إِلَّا عزة وأبرزنها لَهُ وَهِي كارهة ثمَّ إِنَّهَا أحبته بعد ذَلِك أَشد من حبه لَهَا