فغنها وهي لك الفداء ... إن غناء الإبل الحداء
فانظر إلى (إن غناء الإبل الحداء) وإلى ملاءمته الكلام قبله، وحسن تشبثه وإلى حسن تعطف الكلام الأول عليه، ثم انظر إذا تركت (إن) فقلت: فغنها وهي لك الفداء غناء الإبل الحداء كيف تكون الصورة وكيف ينبو أحد الكلامين عن الآخر .. حتى تجتلب الفاء فتقول: فغنها وهي لك الفداء فغناء الإبل الحداء. ثم تعلم أن ليست الألفة بينهما من جنس ما كان، وأن قد ذهبت الأنسة التي كانت تجد والحسن الذي كنت ترى" (?).
وقال: "واعلم أن الذي قلنا في (إن) من أنها تدخل على الجملة، من شأنها إذا هي أسقطت منها أن يحتاج فيها إلى الفاء، لا يطرد في كل شيء، وكل موضع، بل يكون في موضع دون موضع، وفي حال دون حال، فإنك قد تراها قد دخلت على الجملة ليست هي مما يقتضي الفاء، وذلك فيما لا يحصى كقوله تعالى: {إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون} [الدخان: 51 - 52]، وذاك إن قبله: {إن هذا ما كنتم به تمترون} [الدخان: 50]، ومعلوم أنك لو قلت: إن هذا ما كنتم به تمترون فالمقتون في جنات وعيون لم يكن كلامًا" (?).
3 - التعليل:
وقد تأتي (إن) للتعليل وذلك نحو تعالى: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} [البقرة: 168]، وقوله: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} [البقرة: 173]، وقوله: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [المائدة: 87]، {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} [البقرة: 195]، وكقوله: {ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين} [المائدة: 28]، وقوله: {وصل عليهم إن صلوتك سكن لهم} [التوبة: 103]، وقوله: {ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين} [يونس: 81].