والحق أنها ليست بمعنى (واحد) في الضرب الثاني أيضا، وذلك من وجوه منها:
1 - أن الواحد اسم وضع لمفتتح العدد (?). وهو ما يقابل الاثنين تقول (جاءني منهم واحد) أي لم يجئني اثنان ولا تقول (جاءني منهم أحد) قال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ولا ما من إله إلا إله واحد} [المائدة: 73]، قبل والواحد يدخل في الأحد والأحد لا يدخل فيه، فإذا قلت لا يقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف قولك لا يقاومه أحد (?).
2 - أن أحدا إذا أضيفت تكون بمعنى (واحد)، غير أنها تكون بعضا من المضاف إليه فأحد القوم واحد منهم، وهو بعضهم، قال تعالى: {فابعثوا احدكم بورقكم هذه إلى المدينة} [الكهف: 19]، أي واحدا منكم، وقال: {قالت إحداهما يأبت استئجره} [القصص: 26]، أي واحد منهما فأنت ترى أن المضاف بعض المضاف إليه.
جاء في (لسان العرب): " وتقول: هو أحدهم وهي إحداهن، فإن كانت امرأة مع رجال لم يستقم أن تقول هي إحداهم، ولا أحدهم ولا إحداهن، إلا أن تقول: هي كأحده، أو هي واحدة منهم (?).
أما كلمة واحد إذا أضيفت فلا تؤدي هذا المعنى، فإذا قلت (هو واحدهم) لم يفد أنه أحدهم بل يكون المعنى أنه المتقدم فيهم، جاء في لسان العرب: ورجل واحد متقدم في بأس، أو علم، أو غير ذلك، كأنه لا مثل له (?). وجاء فيه: والواحد بني على انقطاع النظير وعوز المثل (?).
فأنت ترى أن أحد القوم ليس بمعنى واحد القوم، وإنما بمعنى واحد من القوم،