المصحف، ولا أرى القراءة بهما، وقرَّاء الأمصار ليس يَقْرَأُونَ بِهِمَا (?).
فأما تفسير إسكان (عَالِيهِمْ) بإسكان الياء، فيكون رفعه بالابتداء، ويكون خبره (ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ).
ومن نَصَبَ فقال: (عَالِيَهُمْ) بفتح الياء، فقال بعض النحويين إنه
ينصبه على الظرْفِ، كما تقول فوقَهُم ثياب، وهذا لا نعرفه في الظروف، ولو كان ظرفاً لم يَجُزْ إسكان الياء.
ولكن نصبه على الحال من شيئين:
أحدهما من الهاء والميم، المعنى يطوف على الأبرار وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ عَالِياً الأبْرَارَ ثيابُ سندسٍ لأنه وقدْ وصف أحوالهم في الجنَّةِ، فيكون المعنى يطوف عليهم في هذه الحال هؤلاء.
ويجوز أن يكون حالا من الولدان.
المعنى إذا رَأَيْتَهُمْ حسبتهم لُؤلُؤاً منثوراً في حال علو الثياب إياهم.
فالنصب على هذا بين.
فأما " عَلَيْهم ثيابُ سُنْدُسٍ " فرفع كقولك عليك مَالٌ فترفعُهُ بالابتداء، ويكون المعنى وثياب سندس عليهم.
وتفسير نصب عاليتهم ورفعها كتفسير عاليهم.
والسندس الحرير. وقد قرئت خُضرٌ وخُضْرٍ.
فمن قرأ (خضرٌ) فهو أحسن لأنه يكون نعتاً للثياب، فلفظ الثياب لفظ الجميع، وخُضْرٌ لفظها لفظ الجمع.
ومن قرأ خُضْرٍ فهو من نعت السندس، والسُّندُسُ في المعنى راجع إلى
الثياب.
وقرئت (وَإِسْتَبْرَقٌ) وهو الدِّيبَاج الصَّفِيق الغليظ الخشن.
وقرئت بالرفع والجر.
فمن رفع فهو عطف على ثياب
المعنى عليهم إستبرق.
ومن جر عطف على السندس.
ويكون المعنى: عليهم ثياب من هذين النوعين ثياب سندس وإستبرق. وقرئت (وَإِسْتَبْرَقَ) على وجهين غير هذين الوجهين، كلاهما ضَعِيف
في العربية جدًّا، قرئت (وَإِسْتَبْرَقَ) وَحُلُّوا - بنصب (إِسْتَبْرَقَ) - وهو في موضع الجر ولم يصرف، قرأها ابن مُحْيصِن، وزعموا أنه لم يصرفه لأن (وَإِسْتَبْرَق) اسم أعجمى، وأصله بالفارسية استبره، فلما حول إلى العربية لم يصرف وهذا غلط لأنه نكرة ألا ترى أن الألف واللام يدخلانه، تقول: السندس والإستبرق.
والوجه الثاني، واستبرَق وَحُلُّوا - بطرح الألف - جعل الألف ألف