وكان الوليد بن المغيرة قال لرؤساء أهل مكة، قد رأيتم هذا الرجل - يعني
النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلمتم ما فشا من أمره، فإن سألكم الناس عنه ما أنتم قائلون.
قالوا نقول: هو مجنون، قال: إذن يخاطبوه فيعلموا أنه غير مجنون.
قالوا فنقول: إنه شاعر، قال: هم العرب، يعلمون الشعر ويعْلَمُونَ أَنَ ما أتى به لَيْسَ بِشِعْرٍ.
قالوا: فنقول إنه كاهن، قال الكهنة لا تقول إنه يكون كذا وكذا إن
شاء اللَّه وهو يقول إن شاء الله، فقالوا قَدْ صَبَأَ الوليد.
وجاء أبو جَهْل ابن أخيه، فقالوا: إن القوم يقولون إنك قد صبوت.
وقد عَزَمُوا على أن يجمعوا لك مالًا فيكون عِوَضاً مِما تقدر أنْ
تَأخُذَ من أصحاب محمد، فقال: واللَّه ما يَشْبَعُونَ، فكيف أقْدِرُ أن
آخذَ منهم مَالًا وإني لَمِنْ أَيْسَر الناس، ومر به جماعة فذكروا له ما أتى به
النبي - صلى الله عليه وسلم - ففكر وعَبَس وجهه وَبَسَر، أي نظر بكراهة شَدِيدَةٍ.
فقال: ما هذا الذي أتى به محمد إلَّا سِحرٌ يأثره عن مسَيْلمة وعن أهل بابل.
* * *
(إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)
أي ما هذا إلا قول البشر.
* * *
(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)
(سَقَر) لا ينصرف لأنها معرفة، وهي مؤنثة، وسَقَر اسم من أسماء
جهنم.
ثم أعلم اللَّه تعالى شأن سقر في العذاب فقال:
* * *
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27)
تأويله وما أعلمك أي شيء سقر فقال:
(لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29)
البشر جمع بَشَرةٍ، أي تحرق الجلْدَ حَتَّى يَسْودَّ.
* * *
(عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) (?)