ويَقرأ (لُبَداً)، ويجوز (لُبَّداً).
والمعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صَلَّى الصبْحَ بذات
نخلة كادت الجن - لما سمعوا القرآن وتعجبوا منه - أن يسقطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل كادوا يعني به جميع الملأ التي تظاهرت على النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومعنى (لُبَداً) يركب بعضه بعضا، وكل شيء ألصقته بشيء إلصاقاً شديداً فقد لبدته ومن هذا اشتقاق هذه اللبود التي تفرش.
فأما من قرأ لَبِدًا فهو جمع لِبْدَة ولبَد.
ومن قرأ لُبَداً نهو جمع لُبْدَة وَلُبَدَة ولِبْدَة فني معنى واحِدٍ.
ومعنى من قرأ (لُبَّداً) فهو جمع لابد ولُبدٍ، مثل رَاكِع وَرُكَّعٍ وغازٍ وغُزًّى (?).
* * *
قوله: (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22)
أي، مَنْجًى إلا أن اشتقاقه من اللحد، وهو مثل
(لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا) فالملتحد من جنس المُدَّخَل.
* * *
ونَصَبَ (إِلَّا بَلَاغًا) على البدل من قوله (مُلْتَحَدًا).
المعنى ولن أجد من دونه منجى إلا بلاغاً أي لا ينجيني إلا
أن أبلغ عن الله ما أرسلتُ به.
* * *
وقوله: (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25)
أي بُعْدًا، كما قال: [(وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ)].
* * *
قوله: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)
هذه الآية توجب على من ادعى أنَّ النُّجومَ تدلُّه على ما يكون من حياة وموت وغير ذلك أن قد كفر بما في القرآن.
وكذلك قوله: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ). والاستثناء بقوله: (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27)
معناه أنه لا يظهر على غَيْبه إلا الرسُلَ، لأن الرسُلَ يستدل على نبوتهم
بالآيات المعجزات، وبأن يخبروا بالغيب فيعلم بذلك أنهم قد خالفوا غير
الأنبياء.
ثم أعلم عزَّ وجلَّ أنه يحفظ ذلك بأن يَسْلُك (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا).