تأمر الواحد بلفظ الاثنين، فتقول قوماً واضربا زيداً يا رجل، وروَوْا أن الحجاج كان يقول: يا حَرَسِي اضربا عنقه، وقالوا: إنما قيل ذلك لأن أكثر ما يتكلم به العرب فيمن تأمره بلفظ الاثنين، نحو.
خليلي مُرا بي على أُمِّ جُندَبِ
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ
وقال محمد بن يزيد: هذا فعل مثنى توكيداً كأنَّه لَمَّا قال ألْقِيَا ناب عن
قوله ألْقِ ألْقِ، وكذلك عنده قفا معناه عنده قف قف، فناب عن فعلين فبنى.
وهذا قولٌ صالحٌ وأنا اعتقد أنه أمر الاثنين (?)، واللَّه أعلم.
* * *
وقوله: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27)
المعنى إنما طغى وهو بضلاله وإنما دعوته فاستجاب، كما قال: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي).
* * *
وقوله: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)
أي من عمل حسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، ومن عمل سيئة - فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
(30)
وقرئت (يَوْمَ يَقُولُ لِجَهَنَّمَ)
نصب (يَوْمَ) على وجهين:
على معنى ما يبدل القول لديَّ في ذلك اليوم.
وعلى معنى أنذرهم يوم نقول لجهنم، كما قال:
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ).