(14)

شعوباً ليعرف بعضكم بعضاً أنَّ أكرمكم عند اللَّه أتقاكم (?).

* * *

وقوله - عزَّ وجلَّ - (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)

وهذا موضع يحتاج الناس إلى تفهمه، وأين ينفصل المؤمن من

المسلم. وأين يستويان.

والِإسلام إظهار الخضوع والقبول لما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك يحقن الدَّمُ.

فإن كان مع ذلك الِإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الِإيمان الذي مَنْ

هُوَ صفته فهو مؤمن مُسْلِم، وهو المؤمن باللَّه ورسوله غَيْرَ مرتابٍ ولا شَاكٍّ.

وهو الذي يرى أن أداء الفرائض واجب عليه، وأن الجهاد بنفسه وماله واجب عليه لا يدخلُه في ذلكَ رَيبٌ، فهو المؤمِنَ وهو المُسْلِمُ حقاً، كما قال

عز وجلَّ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15).

أي إذا قالوا إنا مؤمنون فهم الصادقون، فأما من أظهر قبول الشريعة

واستسلم لدفع المكروه فهو في الظاهر مسلم، وباطنه غير مُصَدق، فذلك

الذي يقول أسلمتُ لأن الِإيمانَ لا بد من أن يكون صاحبه صديقاً، لأنَّ قولك

آمَنْتُ بكذا وكذا معناه صدقت به، فأخرج اللَّه هؤلاء من الِإيمان فقال: (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ).

أي لم تصدقوا إنما أسلمتم تعوذاً من القتل، فالمؤمن مُبْطِنٌ من

التصديق مثل ما يظهر، والمسلم التام الِإسلام وهو مظهر الطاعة مع ذلك

مؤمن بها، والمسلم الذي أظهر الِإسلام تعوذاً غير مؤَمن في الحقيقة، إلا أن

حكمه في الظاهر حكم المسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015