(بَرَاءٌ) بمعنى بريء مِمَّا تَعْبُدُونَ، والعرب تقول للواحد منها أنا البراء
منك، وكذلك الاثنان والجماعة والذكر والأنثى يقولون نحن البراء منك
والخلاء منك، ولا يقولون: نحن البراءان منك ولا البراءونَ.
وإنما المعنى إنا ذوو البراء منك ونحن ذوو البراء منك كما تقول رجل عدل وامرأة عَدْل وَقَوْمٌ عَدْلٌ، والمعنى ذوو عدل وذوات عدل (?).
* * *
وقوله: (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)
المعنى إنا نتبرأ مما تعبدون إلا من الله عزَّ وجلَّ، ويجوز أن يكون " إلا "
بمعنى لكن فيكون المعنى لكن الذي فطرني فإنه سيهدين (?).
* * *
(وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)
يعني بها كلمة التوحيد وهي لا إله إلا اللَّه باقية في عقب إبراهيم، لا
يزال من ولده من يوحد اللَّه عزَّ وجلَّ.
* * *
(وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)
المعنى على رجل من رَجُلَي القريتين عظيم، والرجُلَانِ أحدهما الوليد
ابن المغيرة المخزومي من أهلَ مكة، والآخر حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي
من أهل الطائف، والقريتان ههنا مكة والطائف.
ويجوز " لَوْلَا نَزَّلَ " أي لولا نَزَّلَ اللَّه هذا القرآن، ويجوز لوْلاَ نَزَلَ هذا القرآن.
ومعنى لولا هلَّا ولم يُقْرَأْ بهاتين الأخْرَيَين، إنما القراءة (نُزِّلَ).
و (هذا) في موضع رفع، والقرآن ههنا مُبَيِّنٌ عن هذا ويسميه سيبويه عطف البيان، لأن لفظه لفظ الصفة، ومما يبين أنه عطف البيان قولك مررت بهذا الرجل وبهذه الدار، و (هَذَا الْقُرْآنُ) إنما يذكر بعد هذا اسما يبين بها اسم الإشارة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)