جزم بارئكم إنما رواه عن أبي عمرو من لا يضبط النحو كضبط سيبويه
والخليل، ورواه سيبويه باختلاس الكسر، كأنَّه تقلَّلَ صَوْته عند
الكسرة (?).
* * *
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ).
معناه فهل ينتظرون إلا مثلَ أيام الَّذِينَ خَلَوْا من قَبْلِهِمْ.
والمعنى فهل ينتظرون إلا أن ينزل بهم من العذاب مثلُ الذي نزل بمن قبلهم.
* * *
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ).
المعنى لَيفُوتَه من شيء من أَمْر السماوات ولا مِنْ أَمْرِ الأرْضِ.
* * *
(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا
(45)
قالوا: قال (عَلَى ظَهْرِهَا)، لأن المعنى يُعْلَم أنهُ على ظهر
الأرض، وهذا حقيقتُه أَنَهُ قد جرى ذكر الأرض بقوله فيما قَبْلَ هذه
الآية يليها قوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ) فلذلك جاء على ظهرها.
وقوله: (مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ).
فيه قولان:
فقيل مِن دَابَّةٍ من الإنس والجن وكل ما يعقل.
وجاء عن ابن مَسْعُودٍ كادَ الجُعَل يهلكُ في جُحْرِه لذَنْبِ ابن آدم.
فهذا يدل على العموم.
والذِي جاء أنه يُعْنَى به الإنسُ والجِنُّ كأنَّه أشبه، واللَّهُ أعلم.
آخر سورة الملائكة.