وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا).
أي فَرَأَوُا النبْتَ قد اصْفَر وَجَفَّ.
(لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ).
ومعناه ليظلُّنَّ، لأن معنى الكلام الشرط والجزاء. فهم يستبشرون
بالغيث ويكْفِرُون إذا انقطع عنهم الغَيْثُ وجفَّ النباتُ.
* * *
وقوله: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)
(وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا) أَي قطعاً من السحاب.
وقوله: (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ).
أي فترى المطر يخرج من خلل السحاب، فاعلم عزَّ وجلَّ أَئه
يُنْشِئ السحابَ ويحي الأرض ويرسل الريَاحَ، وذلك كله دليل على
القدرة التي يعجز عنها المخلوقون، وأنه قادر على إحياء الموتى.
* * *
وقوله تعالى: (وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)
المعنى أن ينْزِلَ عليهم المطر، ويقرأ (أَنْ يُنْزَلَ) وَمَعْنَى مُبْلِسينَ
مُنْقَطِعين انقطاع آيسين.
فأمَّا تَكْرِيرُ قوله (من قبل) ففيه وَجْهَانِ (?):
قال قطرب إن قَبْلَ الأولى للتنزيل، وقَبْل الثانية لِلْمَطَرِ.
وقال الأخفش وَغيرُه من البَصْرِيين: تكرير قبل على جهة التوكيد.
والمعنى وإن كانوا من قبل تنزيل المطر لَمُبْلِسينَ.
والقول كما قالوا لأن تنزيل المطر بمعنى المطر، لأن المطر لا يكون إلا بِتَنْزِيل كما أن الرياحَ لا تُعْرَفُ إلا بِمُرورِهَا
قال الشاعر: