حجز بينهما بقدرته فلا يختلط العذب بالمِلحِ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)
بالرفع القراءة، ويجوز النصب، ولا أعلم أحَداً قَرَأَ به، فلا
تقرأن به.
فمن رَفَعَ في قوله: (إِلَّا اللَّهُ) فَعَلَى البَدلِ، المعنى لا يعلم
أَحَدٌ الغَيْبَ إلا اللَّه، أي لا يعكم الغيب إلا اللَّه، ومن نصب فعلى
معنى لا يعلم أحد الغيب إلا اللَّه، على معنى اسْتَثْنِي اللَّه عزَّ وجلَّ.
فإنه يعلم الغيبَ.
وقوله: (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).
و (أَيَّانَ تبْعَثونَ) جميعا، أيْ لاَ يَعْلَمُون متى البَعْثُ (?).
* * *
وقوله تعالى: (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)
فيها أوجه: قرأ أبوعَمْرٍو: بل أُدْرِك عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ.
وقرأ أكثر الناس (بَلِ ادَّارَكَ) بتشديد الذالِ.
وروي عن ابن عباس بَلَى أَدْرَكَ عِلْمُهم في الآخرة.
ويجوز بلى ادَّارَكَ علمهم في الآخرة فمن قرأ بل ادَّارَكَ علمهم في الآخرة وهو الجَيدُ، فعلى معنى بَلْ تَدَارَكَ علمُهُمْ في الآخرة، على معنى بل يتكامل عِلْمُهُم يَوْمَ القِيَامَةِ، لأنَّهُمْ مبْعُوثونَ، وكل ما وعدوا به حَق، ومن قرأ بل أَدْرَكَ عِلْمُهُم فعلى معنى التقرير والاستخبار، كأنَّه قيل: لم يُدْرِك عِلْمُهم في الآخرةِ أي ليس يَقفون في الدنيا على حقيقتها، ثم بين ذلك في قوله:
(بل هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا)