فمن قرأ بالنون فكأنهم قالوا: احْلِفُوا لَنُبَيتنه وأهلَه، ومن قرأ
بالتاء فكأنَّهم قالوا احلفوا لتبيتنه، فكأنه أخرج نفسه في اللفظ.
والنون أَجْوَدُ في القراءة، ويجوز أن يكون قد أدْخل نفسه في التاء لأنه
إذَا قَالَ تَقَاسَمُوا، فقد قال تحالفوا ولا يخرج نفسه من التحالف، ومن
قرأ قالوا تقاسموا باللَّه ليبيتُنَّه، فالمعنى قالوا ليُبَيتُنه متقاسمين، فكان
هؤلاء النفر تحالَفُوا أَن يُبَيتُوا صالحا وَيَقْتُلوه وأهله في بَيَاتِهِمْ، ثم
ينكرون عند أولياء صالح أنهم شَهِدُوا مَهْلِكَهُ وَمَهلِكَ أهلِه، ويحلفون
أنهم لصادقون. فهذا مَكر عزموا عَلَيه.
* * *
قال اللَّه - عزَّ وجلَّ: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)
فمضوا لِبُغْيِتهِمْ فأرسل اللَّهُ عليهم صَخْرةً فدَمَغَتْهُمْ، وأرسل
على باقي قومهم مَا قَتَلَهُمْ بِهِ.
* * *
وقوله: (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ
(51)
يقرأ (إنَّا دَمَّرْنَاهُمْ) - بكسر إن وبفتحها - (?) فمن قرأ بِالكسر رفع
العَاقِبة لا غير، المعنى فانظر أي شيء كان عاقبة مَكْرِهم، ثم فَسَّرَها
فقال: إنَّا دَمَّرْنَاهُمْ، فدل على أن العاقبة الدمَارُ.
ومن قرأ (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ) - بالفتح - رفع العاقبة وإِنْ شاء نَصَبَها، والرفعُ أَجْوَدُ على معنى فانظر كيف كان عاقبةُ أَمْرِهِمْ، وأضمر العَاقِبَةَ.
أَنا دَمَرْنَاهُمْ. فيكون (أنَّا) في موضع رَفْعٍ عَلَى هذا التفسير، ويجوز أن تكون أنا في موضع نَصْبٍ، على معنى فانظر كيف كان عاقبة مكرهم لأنَّا دَمَّرناهم، ويجوز أن