لأنه عزَّ وَجل وصف نوره الذي هو للمؤمنين، وأعلم أن قلوب المؤمنين
وأعمالهم بمنزلة النورِ الَّذي وصَفَهُ، وأنهم يجدونه عند اللَّه يجازيهم عليه
بالجنة، وأن أعمال الكافرين وإن مثلت بما يوجَدُ فمثله كمثل السرابِ، وإنْ
مثلت بِمَا يُرَى فهي كهذه الظلمات التي وَصَفَ في قوله: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) الآية.
وقوله: (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا).
معناه لم يرها ولم يكد، وَقَالَ بَعضُهُم يراها من بَعْدِ أن كانَ لا يَراهَا
من شِدةِ الظلمة، والقولُ الأولُ أَشْبَهُ بهذَا المعنى، لأِن في دُونِ هذه
الظُّلُمَاتِ لا يُرَى الكف.
وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ).
أي من لم يهده اللَّه إلى الإسلام لم يَهْتَدِ (?).
* * *
وقوله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)
ويجوز " والطيرَ " على معنى: " يسبح له الخلق مَعَ الطيْرِ " ولم يُقْرأْ بها.
وقوله: (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ).
معاه كل قد علم اللَّهُ صَلاتَه وتسبيحَه، والصلاة للناس، والتسبيح لغير
الناس، ويجوز أن يكون (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) كل شيء قد علم