(46)

ويجوز كائن بتشديد الياء، ويجوز كائِن مِنْ قَرْيَةٍ، وهو عند البَصْريين

في معنى العدد الكبير، نقول: وكائن مِنْ رَجُل جَاءَنِي معناه العدد الكثيرُ مِنَ

الرجَالَ.

(فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا).

والعُروش السقوفُ، فالمعنى أنها قَدْ خَرِبَتْ وخَلَتْ فصارت على

سُقُوفها كما قال في مَوْضع آخر: (فَجَعَلْنَا عَالِيَها سَافِلَهَا)، يقال خوتِ الدارُ

والمدينةُ خَواءً، ممدود، فهي خاوِية، وخَوِيتِ المرأةُ وخوِيَ الِإنْسَانُ إذا خَلَا

مِنَ الطعَامِ خَوًى، مَقْصور فهو خَوٍ.

وقوله: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ).

أكثر ما جاء في مَشِيدٍ من التَفْسِير مُجَصَّص، والشَيدُ الجصُّ والكَلْسُ

أيضاً شِيد، وَقِيلَ مَشِيد مُحَصَّن مُرْتَفِع، والمُشَيد إذَا قيل مُجَصَّص فهو مُرْتفع

في قَدْرِهِ وَإن لَمْ يرتفع في سُمكِهِ، وأصل الشَيدِ الجصُّ والنورَةُ، وكل ما بُنيَ

بِهِمَا أو بِأحَدِهمَا فهو مُشَيدٌ.

* * *

وقوله: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)

(وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).

القلبُ لا يكون إلا في الصدْرِ - ولكن جَرَى عَلَى التَوكِيدِ كما قال

عز وَجَل (يَقُولُونَ بأفْوَاهِهِمْ)، وكما قال: (وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ).

وكما قرأ بعضهم: (لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً).

فالتوكيد جار في الكلام مبالغ في الإفْهَامَ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015