وهو - واللَّه أعلم - أنه لما قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94)
أعلمنا أن اللَّه عزَّ وجلَّ قَِد حرَّمَ قُبُولَ أعمال الكافرين وبين ذلك بقوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)
فالمعنى حَرام عَلَى قَرْيةٍ أهلكناها أن نَتقبل منهم عملًا لأنهم لا يرجعون، أي لا يتوبون، وحَرِمَ وحَرُمَ في معنى حرام.
إلا أنَّ حَرَاماً اسم، وحَرِمَ وَحَرُمُ فعل (?).
* * *
وقوله: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ
(96)
بهمزٍ وغير هَمْزٍ، وهما قبيلَتَانِ من خلق اللَّه.
ويروى أن الناس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وهما اسمان أعجميان، واشتقَاقُ مثلهما من كلام العَرَبِ يخرج من أججت النار، ومن النار الأجَاجِ وهو أشَد وهو الشديد الملوحة، المحرق من مُلُوحَتِهِ.
وقوله: (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)
ورويت أيضاً من كل جَدَثٍ ينسلون، - بالجيم والثاء - والأجود في
هذا الحرف، (حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) بالحاء، والحدب كل أكَمةٍ، و (يَنْسِلُونَ) يُسْرِعُونَ.
* * *
وقوله: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)
قال بعضهم: [لا يجوز طرح الواو] (?).
والجوابُ عِندَ البَصْريِّينَ قوله: (يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا)
وههنا قول محذوف، المعنى حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوجُ واقترب الوعْدُ الحق قالوا: (يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ).
وجاء في التفسير أن خروجَ يأجوجَ ومأجوجَ من أعْلَامِ الساعة.