(88)

ويقرأ (حُمِّلْنَا أَوْزَارًا)، بتشديد الميم وكسرها، يعنون بالأوزار حُلِيًا كانوا

أخذوها من آل فرعون حينَ قذفهم البحرُ فألْقَاهُمْ عَلَى سَاحِلهِ، فأخذوا الذهب والفضة، وسميت أوزاراً لأن معناهأ الأثام، وجائز أن يكون سُمِّيَتْ أوزَاراً يعنون بها أثْقَالًا، لأن الوِزْرَ في اللغة الحِمْلُ، وسُمِّيَ الإثمُ وِزْراً لأن صاحبه قد حُمِّلَ بها ثقلاً، قال اللَّه تعالى: (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3).

فقالوا: حملنا حُلِيًّا فقذفناها في النار، وكذلك فعل السامِريُّ، أي ألقى حلْيًّا

كان معه (?).

(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ

(88)

واختلف في تفسير خوارِه، فقيل إنه كان يَخُورُ كما يَخورُ الثورُ من

الحيوان، فإذا خار سجدوا له، وإذا عاد الخوارُ رَفَعُوا من السجود، وقال

بعضهم: إنما خَارَ خَوْرَةً واحدةً، وَدَلِيله: (أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا).

وقال مجاهد: خُوارُه حَفِيفُ الريح إذَا دَخَلَتْ جَوْفَهُ.

وُيرْوى أن هارون عليه السلام مَر بالسَّامِرِيِّ وهو يصنع العجل

فقال له: ما تصنع؟

قال أصنع ما لا ينفع ولا يَضُر، وقال: أدْعُ، فقال هارون اللَّهُمَّ أعْطِه ما يَسألُ كما يُحِبُّ.

فسأل اللَّه عزَّ وجلَّ أن يجعل للعِجْل خُواراً، والذي قاله مجاهِد من أن خُوارَهُ

حفيفُ الريح فيه، أسرع إلى القبول لأنه شيء ممكن.

والتفسير الآخر وهو أنه خوار ممكن في محنة اللَّه عزَّ وجلَّ - أن امْتَحَنَ القَوْمَ بذلك، وليس في خُوارِ صُفْرٍ ما يوجب عبادته لأنهم قد رأوه معمولاً مصنوعاً، فعبادتهم إياه لو خارَ وتكلَّم كما يتكلَّم الآدمي لم تجب به عبادته.

فقالوا: (هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ).

قيل إن السَّامِرِيَّ نسيَ ما كان عليه من الإيمان، لأنه نافق لما عبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015