(76)

قالوا في زكيةٍ بريئة، أي لم يُرَ ما يُوجِبُ قتلَها، و (نُكْراً) أقل من قوله (إمْراً)، لأن تغريق من في السفينة كان عنده أنكر مِنْ قَتْلِ نفسٍ وَاحِدَةٍ وقد قيل إنَّ

(نُكْراً) ههنا معناه لقد جئتَ شيئاً أَنْكَرَ من الأمر الأول.

و (نُكْراً) منصوب على ضربين: أحدهما معناه أتيْتَ شيئاً نكراً، ويجوز أن

- يكون معناه: جئْتُ بشَيءٍ نكرٍ، فلما حذف الباء أفضى الفعل فنصب.

* * *

(قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا

(76)

أي بعد هذه المسألة: (فَلَا تُصَاحِبْني).

وُيقْرا فلا تصْحَبْني، وَقِرَاءة شَاذةٌ فَلاَ تُصْحِبْني. .

فمن قرأ فلا تَصْحَبْني فإن معناه فَلَا تَكُونَنَّ صَاحِبِي، ومن قرأ فلا

تصاحبني فمعناه إنْ طلبتُ صِحبتك فلا تتابعني على ذلك.

ومن قرأ تُصْحِبْني، ففيها بأربعة أوجه، فأجْوَدها فلا تُتابعْنِي على ذلك، يقال قد أصحب المُهْرُ إذا انقاد، فيكون معناه فلا تتابعَني في شيء ألتمسه منك.

ويجوز أن يكونَ معناه: فَلَا تُصْحِبْني أحَداً ولا أعرف لهذا معنى لأن موسى

لم يكن سأل الخَضِرَ أن يصْحِبَهُ أحَداً.

وقوله: (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا) (?).

ويقرأ من لَدُنِي بتخفيف النُّونِ، لأن أصل لّدُنْ الِإسكان، فإذا أضَفْتَها

إلى نَفْسِك زدت نوناً ليَعْلَمَ سُكُونُ النونِ الأولى، تقول من لَدُنْ زَيْدٍ، فتسكِنَ النُونَ ثم تضيف إلى نفسك، فتقول من لَدُنِى كما تقول عن زَيْدٍ وَعَني. ومن قال مِنْ لَدْنِي لم يجز أن يقولَ عَنِي ومِنِي بحدف النونِ، لأن لدن اسم غير متمكن، ومن وعن حرفانِ جاءا لمعنًى.

ولدُن مع ذلك أَثْقَلُ مِنْ " مِنْ " و " فَيْ ".

والدليل على أن الأسماء يجوز فيها حذف النون قولهم: قَدْنِي في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015