وتأويل قُبُلًا جمع قَبِيل، المعنى أو يأتيهم العذاب أنواعاً.
ويجوز أن يكون تأويل قُبُلًا بمعنى من قُبُل أي مما يقابلهم.
وقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)
(وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا).
هؤلاء قد أخبر اللَّه عنهم أنهم من أهل الطبع فقال: (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ).
(أَكِنَّةً) جمع كنانة، وهو الغطاء، وهو مثل عِنَان وأَعِنة.
فأَعلم اللَّه عزَّ وجل أن هؤلاء بأعيانهم لن يهتدوا أَبداً.
* * *
وقوله: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)
الموئل المنجا، يقال وَأَل يَئلُ إذَا نجا.
* * *
وقوله: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)
المعنى وأهل تلك القرى أهلكناهم، يعنى به من أهْلَكَ من الأمَمُ
الخالية، نحو عاد وثمود وقوم لوط ومن ذُكِرَ بالهَلاَكِ.
وقوله: (وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً).
أي أجَلًا، وفيها ثلاثة أوجه (?): لِمُهْلَكِهِمْ، وتأويل الْمُهْلَكِ على ضربين.
على المصدر، وعلى الوقت، معنى المصدر لإهْلَاكهم، ومعنى الوَقتِ لِوَقْتِ
هلاكهم وكل فعل ماض على أفعل فالمصدر منه مُفْعَل، أو إفْعَال، واسمُ
الزمَانِ منه مُفْعَل، وكذلك اسم المكان، تقول أدخَلْتُه مُدْخَلاً، وهذا مُدْخَله
أي المكانُ الذي يدخل زيد منه، وهذا مُدْخَلُه أي وقت - إدخاله، ويجوز أن
يقرأ (لمَهْلِكِهم) على أن يكون مَهْلك اسماً للزمَانِ على معنى هَلَك يهلِكُ.
وهذا زمن مَهْلِكِه مثل جلس يجلس، إذا أردت المكان أو الزمَانَ، فإذا أردت
المَصْدَرَ قلت مَهْلَك بفتح اللام مثل مجلَس، يقال: أتَتْ الناقةُ عَلَى مَضْرِبها