وقوله: (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا)
لم يَجِدْ فَرعَونُ ما يدفع به الآيات إلا إقراره على نفسه بأنه ظانٌّ أن
موسى مسحور، فأعلمه اللَّه أن فرعون قد بين أنها آيات فقال:
(قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102)
يعنى الآيات.
(إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ).
وقرأ بعضهم لقد علمتُ - بضم التاء - والأجود في القراءة لقد علمتَ -
بفتح التاء - لأن علم فرعونَ بأنها آيات من عند اللَّه أوكد في الحجة عليه.
ودليل ذلك قوله عزَّ وجلَّ في فرعونَ وقومه: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا).
وقوله: (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا).
أي لأظنك مُهْلَكاً، يقال: ثُبِرَ الرجل فهو مثبور إذَا هَلَكَ.
* * *
وقوله: (فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا
(103)
أي فأراد فرعون أن يستفز موسى وقومَهُ مِنَ الأرْضِ فجائز أن يكون
استفزارهم إخرَاجهم منها بالقتل أو بالتنحية.
(فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا)
* * *
وقوله: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)
(جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا).
أي آتينا بكم من كل قبيلة، واللفيف الجماعات مِن قبائل شَتى.
* * *
وقوله: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا
(106)
وتقرأ (فرَّقناهُ) - بالتشديد، وقرآناً مَنصوبٌ بفعل مُضمَر،