تَقَدَّمَ، فمعنى مُفْرَطُونَ مُقَدمُونَ إلى النار، وكذلك مُفَرطُون، ومن فسَّرَ
متروكون فهو كذلك، أي قد جُعِلُوا مُقَدَّمِين في العذاب أبداً متروكين فيه.
ومن قرأ مُفَرِّطُونَ، فالمعنى أنه وَصْف لهم بأنهم فَرطُوا في الدنيا فلم
يعملوا فيها للآخرة وتصديق هذه القراءة قوله: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ).
وَمَنْ قَرأ مُفْرِطُونَ، فالمعنى على أنهم أفْرَطُوا في مَعْصِيةِ اللَّه، كَما
تقول: قد أفرط فلان في مكروهي.
وتأويله أنه آثر العجْزَ وقدَّمه (?).
* * *
وقوله: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)
بِنَصْب (رَحمَةً) المعنى: وما أنزلنا عليك الكتابَ إلا هُدى ورحمةً، أي
ما أنزلنَاهُ عليك إلا للهداية والرحمة، فهو مفعول له.
ويجوز: وهدى ورحَمْةً في هذا الموضع، المعنى: وما أنزلنا عليك الكتاب إِلًا لِلْبيَانِ رهو - مع ذلك - هدى ورحْمَةٌ.
* * *
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)
وتقرأ (نَسْقِيكم) (?) ويقال سَقيتُهُ وأسْقَيْتُهُ في مَعْنى وَاحد.
قال سيبويه والخليل سقيته كما تقول نَاوَلْتُه فشرب. وأسقيتُهُ جعلت له سقياً، وكذلك قول الشاعر يحتمل المذهبين: