فالمعنى الظاهرُ في الطرقاتِ، والمستخفِي في الظلماتِ، والجاهر بنطقه
والمضمِرَ في نفسه علم الله فيهم جميعاً سواء
وذكر قطرب وجهاً آخر، ذكر أنه يجوز أن يكون " مُسْتَخْفٍ بالليل " ظاهراً
بالليل، وهذا في اللغة جائز، ويكون مع هذا " وسارب بالنهار " أي مُسْتتر، يقال: انسرب الوحْشيُّ إذا دخل في كِناسِه.
والأول بَين، وهو أبلغ في وصف علم الغيب.
* * *
(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)
أي للِإنسان ملائكة يَعْتَقبُونَ، يأتي بعضهم بِعَقِبِ بَعْضٍ
(يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ).
المعنى حفظهم إياه من أمْرِ اللهِ، أي مما أمَرَهُمُ الله تعالى به، لا
أنهم يقدرون أن يدفعوا أمر اللَّه، كما تقول: يحفظونه عن أمر اللَّه (?).
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ).
أي لا يلي أمرهم أحد من دون الله.
* * *
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)
خَوْفاً للمُسَافِرِ، لأن في المَطَرِ خَوْفاً عَلَى المُسَافِر، كما قال الله تعالى
(إِنْ كَانَ بِكمْ أذًى مِنْ مَطَرٍ).
وطَمَعاً للحَاضِرِ لأن تفاعه بالمطر.
ويجوز أن يكون - واللَّه أعلم - (خَوْفًا وَطَمَعًا) خوفاً لمن يَخاف ضُرُّ المَطَرِ، لأنه ليس كل بَلدٍ ينتفع فيه بالمطر نحو مصر وما أشبهها، وطَمَعاً لمن يَرْجُو الانتفاع به.