نصب الألف من «أشهدوا» عاصم، والأعمش، ورفعها أهل الحجاز عَلَى تأويل: أُشْهدوا خلقهم لأنه لم يسم فاعله، والمعنى واحد. قرءوا بغير همز يريدون الاستفهام «1» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: كذا قَالَ الفراء.
وقوله: بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ (22) .
قرأها القراء بضم الأَلِفِ من «أُمّة» ، وكسرها مجاهد، وعمر بْن عَبْد العزيز «2» ، وكأن الإمّة مثل السنة والملة، وكأن الإمّة الطريقة: والمصدر من أممت القوم، فإن العرب تَقُولُ: ما أحسن إمته وعمّته وجِلْسته إِذَا كَانَ مصدرًا، والإمة أيضا الملك والنعيم. قَالَ عدي:
ثُمَّ بعد الفلاح والملك والإمّة ... وارثهم هناك القبورُ «3»
فكأنه أراد إمامة الملك ونعيمه.
وقوله: وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) ومُقْتَدُونَ (23) .
رُفعتا ولو كانتا نصبا لجاز ذَلِكَ لأنّ الوقوف يحسن دونهما، فتقول للرجل: قدمت ونحن بالأثر متبعين ومتبعون.
وقوله: إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) .
العرب تَقُولُ: نَحْنُ منك البراء والخلا، والواحد والاثنان والجميع من المؤنث والمذكر يُقال فِيهِ:
براء لأنه مصدر، ولو قال: (برىء) لقيل فِي الاثنين: بريئان، وفي القوم: بريئون وبرءاء، وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه: «إنَّني برى مِمَّا تَعْبُدُون» «4» ولو قرأها قارئ كَانَ صوابا موافقا لقراءتنا «5» لأن العرب تكتب: يستهزىء يستهزأ فيجعلون الهمزة مكتوبة بالألف فِي كل حالاتها. يكتبون شيء شيأ ومثله كَثِير في مصاحف عبد الله، وفى مصحفنا: ويهيىء لكم، ويهيأ بالألف.