قال بعضهم: يُخفونه من الذل الذي بهم، وقال بعضهم: نظروا إلى النار بقلوبهم، وَلم يروها بأعينهم لأنهم يحشرون عميًا.
وقوله «1» : وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ (48) .
وإنما ذكر قبلهم الإنسان مفردًا، والإنسان يكون واحدًا، وفي معنى جمع فردّ الهاء والميم على التأويل، ومثل قوله: «وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً «2» » يراد به: كل الناس، ولذلك جاز فيه الاستثناء وهو موحّد في اللفظ كقول الله «إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «3» » ، ومثله: «وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ «4» » ثم قال: «لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ» وإنما ذكر ملكا لأنه في تأويل جمع.
وقوله: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً (49) .
محضًا لا ذكور فيهن، وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذكور محضا لا إناث فيهم، أو يزوجهم يقول: يجعل بعضهم بنين، ويجعل بعضهم بنات ذلك التزويج في هذا الموضع. والعرب تقول: له بنون شِطْرة «5» إذا كان نصفهم ذكورًا، ونصفهم إناثًا، ومعنى هذا- والله أعلم- كمعنى ما في كتاب الله.
وقوله: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً (51) .
كما كان النبي صلى الله عليه يرى فِي منامه، ويُلْهَمُه، أَوْ مِنْ وَرَاءِ حجاب، كما كلّم مُوسَى من وراء حجاب، أَوْ يرسل رسُولًا ملكًا [من ملائكته «6» ] فيوحى بإذنه، ويكلم النَّبِيّ بما يشاء اللَّه «7» [وذلك «8» فِي قوله: «أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا» (51) الرفع والنصب أجود.
قَالَ الفراء: رفع نافع المدينيّ، ونصبت العوام] ومن رفع «يرسل» «9» قَالَ: «فيوحي» مجزومة الياء «10» .