وقوله: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [39] الرفع فِيهِ أعجب إليّ من النصب، لأنه قال (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ) ثُمَّ جعل الشمس والقمر مُتبعَين لليل وهما فِي مذهبه آيات مثله. ومن نصب أراد: وقدَّرنا القمر منازلَ، كما فعلنا بالشمس. فردّه عَلَى الْهَاء (?) من الشمس فِي المعنى، لا أَنَّهُ أوقع عَلَيْهِ ما أوقعَ عَلَى الشمس. ومثله فِي الكلام: عبد الله يقوم وجاريته يضربها، فالجارية مردودة عَلَى الفعل لا عَلَى الاسم، لذلك نصبناهَا لأن الواو التي فيها للفعل المتأخّر.

وقوله: (كَالْعُرْجُونِ) والعُرْجون ما بين الشماريخ (?) إلى النابت فِي النخلة. والقديم فِي هَذَا الموضع: الَّذِي قد أتى عَلَيْهِ حول.

وقوله: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ [40] يقول: تطلع ليلًا، ولا أن يسبق الليل النهار، يقول: ولا القمر لَهُ أن يطلُع نهارًا، أي لا يكون لَهُ ضوء. ويُقال: لا ينبغي للشمس أن تُدِركَ القمر فتُذهب (?) ضوءه، ولا أن يسبق الليل النهار فيظلمه. وموضع (أن تدرك) رفع.

[قوله: نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ [37] فإن قَالَ قائل: مَا قوله: (نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) ؟

فإنما معناه: نسلخ عَنْهُ النهار: نرمي بالنهار (?) عَنْهُ فتأتي الظلمة. وكذلك النهار يُسلخ منه الليل فيأتي الضوء. وهو عربيٌّ معروف، ألا ترى قوله: (آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) أي خرج منها وتركها. وكذلك الليل والنهار.

وقوله: وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ [42] : من مثل فلك نوح (ما يَرْكَبُونَ) يقول: جعلنا لَهُم السفن مثلت عَلَى ذَلِكَ المثال. وهي الزواريق (?) وأشباهها مما يَركب فِيهِ الناس. ولو قرأ قارئ:

من مَثَلِهِ كَانَ وجهًا يريد من مثاله: ولم أسمع أحدًا قرأ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015