[سورة يوسف (12) : الآيات 33 إلى 38]

ولو حملت الباء عَلَى (ما) إذا وليها الفعل تَتَوهّم فيها ما توهّمت فِي (لا) لكان وجهًا، أنشدتني امرأة من غَنِيّ:

أمَا واللهِ أنْ لو كنتَ حُرًّا ... وما بالحُرّ أنتَ ولا الْعَتِيقِ (?)

فأدخلت الباء فيما يلي (مَا) فإن ألقيتَها رفعت ولم يَقْوَ النصب لقلَّة هذا. قَالَ: وَحَدَّثَنَا الفراء قَالَ: وَحَدَّثَنِي دِعامة بن رجاء التَّيمي- وَكَانَ غرّا- عَن أبي الْحُويرث الحنفيّ أَنَّهُ قَالَ: (ما هذا بِشِرًى) أي ما هذا بِمشترِي.

وقوله: رَبِّ السِّجْنُ [33] السِّجن: الْمَحْبِسُ. وهو كالفعل. وكل موضع مشتق من فعلٍ فهو يقوم مقام الفعل كما قالت العرب: طلعت الشمسُ مَطْلَعًا وغَرَبت الشمس مغربا، فجعلوهما خلفًا من المصدر وهما اسمان، كذلك السِّجن. ولو فتحت السِّين لكان مصدرًا بينًا. وقد قرىء:

(ربّ السّجن) .

وقوله: فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ [34] ولم تكن منه مسألة إنما قال: (إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) فجَعله الله دعاء لأن فِيهِ معنى الدعاء، فلذلك قال: (فاستجاب له) ومثله فِي الكلام أن تَقُولَ لعبدك: إلَّا تطِع تعاقَب، فيقول: إِذًا أطيعك كأنّك قلت لَهُ:

أطع فأجابك.

وقوله: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ [35] آيات البراءة قَدّ القميص من دبر (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) فهذه اللام فِي اليمين وَفِي كل ما ضارع القول. وقد ذكرناهُ. أَلَا ترى قوله:

(وَظَنُّوا (?) ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (وَلَقَدْ (?) عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) دخلت هذه اللام و (ما) مع الظنّ (والعلم) لأنَّهما فِي معنى القول واليمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015