الْإِنْسَان ثُمَّ استثنى من الْإِنْسَان لأنه فِي معنى الناس، كما قَالَ تبارك وتعالى: (وَالْعَصْرِ (?) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) فاستثنى كثيرًا من لفظِ واحدٍ لأنه تأويل جِمَاع.
وقوله- عَزَّ وَجَلَّ-: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ [12] .
يقول: يضيق صدرك بِما نوحيه إليك فلا تُلقيه إليهم مخافة أن يقولوا: لولا أنزل عليك كنزٌ. فإن فِي قوله: (أَنْ يَقُولُوا) دليلٌ على ذَلِكَ. وهي بِمنزلة قوله: (يُبَيِّنُ (?) اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) و (من) تحسن فيها ثُمَّ تُلْقَى، فتكون فِي موضع نصب كما قَالَ- عَزَّ وَجَلَّ: (يَجْعَلُونَ (?) أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) أَلا ترى أنَّ (مِنْ) تحسن فِي الْحَذَر، فإذا ألقيت انتصب بالفعل لا بإلقاء (من) كقول الشاعر (?) :
وأغفرُ عوراء الكريم اصطناعَه ... وأُعْرض عَن ذات اللئيم تَكَرُّمَا
وقوله: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ [13] ثم قال جلّ ذكره: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) [14] ولم يقل: لك وقد قَالَ فِي أوَّلِ الكلام (قُلْ) ولم يقل: قولوا وهو بِمنزلة قوله: (عَلى (?) خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) .
وقوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها [15] ثم قال: (نُوَفِّ) لأن المعنى فيها بعد كانَ. وَكَانَ (?) قد يبطل فِي المعنى لأن القائل يقول: إن كنت تعطينى سألتك، فيكون كقولك: إن