فِي القرب والبعد ذكَّروا وأنَّثوا. وَذَلِكَ أن القريب فِي المعنى وإن كَانَ مرفوعًا فكأنه فِي تأويل: هي من مكان قريب. فجعل القريب خَلَفًا من المكان كما قَالَ الله تبارك وتعالى: وَما «1» هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ وقال: وَما «2» يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ولو أنَّث ذَلِكَ فبنى عَلَى بعدَتْ منك فهي بعيدة وقَرُبت فهي قريبة كَانَ صوابًا حسنًا. وقال عروة «3» :

عِشَّيَة لا عفراءُ مِنْكَ قريبة ... فتدنو ولا عفراء مِنك بعيد

ومن قَالَ بالرفع وذكَّر لَمْ يَجمع قريبًا [ولم] «4» يثنه. ومن قَالَ: إنّ عفراء منك قريبة أو بعيدة ثنَّى وجَمَع.

وقوله: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ نَشْرًا (57) والنَشْر من الرياح: الطيبة اللينة التي تنشئ السحاب. فقرأ بذلك أصحاب عبد الله. وقرأ غيرهم (بُشْراً) حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَسَدِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ «5» الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي «6» عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَرَأَ (بُشْرًا) يُرِيدُ بَشِيرَةً، وَ (بَشْرًا) كَقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وتعالى: (يُرْسِلَ الرِّياحَ «7» مُبَشِّراتٍ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015