منها. ألا ترى أنك تقول: يُعْطى من الزكاة الخمسون فما دونها. والدرهم فَمَا فوقه فيضيق الكلام (?) أن تقول: فوقه فيهما. أو دونه فيهما. وأما موضع حسنها في الكلام فأن يقول القائل: إن فلانا لشريف، فيقول السامع: وفوق ذاك يريد المدح. أو يقول: إنه لبخيل، فيقول الآخُر: وفوق ذاك، يريد بكليهما معنى أكبر. فإذا عرفت أنت الرجل فقلت: دون ذلك فكأنّك تحطّه عن غاية الشرف أو غاية البُخل. ألا ترى أنك إذا قلت: إنه لبخيلٌ وفوق ذاك، تريد فوق البخل، وفوق ذاك، وفوق الشرف. وإذا قلت: دون ذاك، فأنت رجلٌ عرفته فأنزلتَه قليلا عن دَرَجته. فلا تقولنّ: وفوق ذاك، إلا في مدح أو ذمّ.
قال الفرّاء: وأما نصبهم «بَعُوضَةً» فيكون من ثلاثة أوجه:
أوّلها: أن تُوقع الضّرب على البعوضة، وتجعل «ما» صلة كقوله: «عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ» (?) [يريد عن (?) قليل] المعنى- والله أعلم- إن الله لا يستحيى أن يضرب بعوضة فما فوقها مثلا.
والوجه الآخر: أن تجعل «ما» اسما، والبعوضة صلة (?) فتعرّبها بتعريب «ما» . وذلك جائز فى «مِنْ» و «ما» لأنهما يكونان معرفة في حال ونكرة في حال كما قال حسَّان بن ثابت:
فَكَفَى بِنا فَضْلا عَلَى مَنْ غَيْرِنا ... حُبُّ النَّبِيءِ محمّد إيّانا (?)