وقوله: فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ (20) .
وفي قراءة عَبْد اللَّه: سُورةٌ مُحْدَثةٌ. كَانَ المسلمون إِذَا نزلت الآية فيها القتال. وذِكْره شق عليهم وتواقعوا أن تنسخ، فذلك قوله: «لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ «1» » (13) أي هلّا أنزلت سوى هَذِهِ، فإذا نزلت «2» وَقَدْ أُمروا فيها بالقتال كرهوها، قَالَ اللَّه: (فأولى لهم) لمن كرهها، ثُمَّ وصف قولهم قبل أن تنزَّل: سَمِعَ وطاعة، قَدْ يقولون: سَمِعَ وطاعة، فإذا نزل الأمر كرهوه «3» ، فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لكان خيرا لهم، فالطاعة مرفوعة فِي كلام العرب إِذَا قيل لهم: افعلوا كذا وكذا، فثقل عليهم أَوْ لم يثقل قالوا: سمع وطاعة.
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ] «4» : حدثنا الفراء قال: أخبرني حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ:
قَالَ اللَّه عزَّ وجل: (فأولى) ثُمَّ قَالَ لَهُمْ للذِين آمنوا مِنْهم طَاعَةٌ وقول معروف، فصارت:
فأولى وعيدًا لمن كرهها، واستأنف الطاعة بلهم، والأول عندنا كلام العرب، وقول الكلبي هَذَا غير مردود.
وقوله: [178/ ب] فَهَلْ عَسَيْتُمْ (22) .
قرأها العوام بنصب السين «5» ، وقرأها نافع الْمَدَنِيّ: فهل عَسِيتُم، بكسر السين «6» ، ولو كانت كذلك لقال: عَسى [فِي موضع عسى] . «7» ولعلها لغة نادرة، وربما اجترأت العرب عَلَى تغيير بعض اللغة إِذَا كَانَ الفعل لا يناله قَدْ. قَالُوا: لُسْتُم يُريدون «8» لستُمِ، ثُمَّ يقولون: لَيْسَ وَلَيْسُوا سواء، لأنَّه فعل لا يتصرف ليس لَهُ يفعل «9» وكذلك «10» عسى ليس لَهُ يفعل «11» فلعله اجترى عَلَيْهِ كما اجترى عَلَى لستم.