ومثل "إمّا" ها هنا قوله {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَداً} وقوله {قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ [93] رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} فالجواب في قوله {فَلاَ تَجْعَلْنِي} . وأشباه هذا في القرآن والكلام كثير. واما "إمّا" في غير هذا الموضع الذي يكون للمجازاة فلا تستغني حتى ترد "إمّا" مرتَيْن نحو قوله {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} ونحو قوله {حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ} وانما نصب لأنّ "إمّا" هي بمنزلة "أوْ" ولا تعمل شيئاً كأنه قال "هَدَيْناهُ السبيلَ شاكراً أوْ كَفُورا" فنصبه على الحال و "حتى رَأَوْا ما يُوعَدُون العذابَ أَوْ الساعة" فنصبه على البدل.
وقد يجوز الرفع بعد "إمّا" في كل شيء يجوز فيه الابتداء [و] * لو قلت: "مررت برجل إمّا قاعدٍ وإمّا قائمٍ" جاز. وهذا الذي في القرآن جائز ايضاً، ويكون رفعا الا انه لم يقرأ.
وأما التي تستغني عن التثنية فتلك تكون مفتوحة الالف [32ب] أبدا نحو قولك "أَمّا عبد الله فمنطلق" وقوله {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ [9] وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} و {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} . فكلُّ ما لم يحتج فيه الى تثنيةِ "أَمّا" فألفها مفتوحة الا تلك التي في المجازاة.
و"أَمّا" ايضاً لا تعمل شيئا الا ترى انك تقول {وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} فتنصبه بـ"تنهر" ولم تغيّر "أمّا" شيئا منه.