وقال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد السادس والعشرون] :
وَشَرُّ المنايا مَيِّتٌ وَسْطَ أَهْلِهِ * كهُلْكِ الفتاةِ أسلَمَ الحَيّ حاضره
انما يريد "وشر المنايا منية ميّت وسط اهله، ومثله: "اكثرُ شربي الماءُ" و "أكثر أكلي الخبرُ" وليس أكلك بالخبز ولا شربك بالماء. ولكن تريد اكثر اكلي اكل الخبز وأكثر شربي شرب الماء. قال {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} يريد: "أهل القرية"، (والعِيرَ) أي: "واسأل اصحابَ العِير" [23ب] . وقال {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} فانما هو - والله اعلم - "مثَلُكُم ومثلُ الذين كَفَروا كمثلِ الناعِقِ والمنعوقِ بهِ". فحذف هذا الكلام, ودل ما بقي على معناه. ومثل هذا في القرآن كثير. وقد قال بعضهم {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} يقول "مثلُهم في دعائِهم الآلهةَ كمثلِ الذي ينعِق بالغَنَم" لان - الهتهم لا تسمعُ ولا تعقل، كما لا تسمع الغنم ولا تعقل.
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ}
قوله {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً} فهو في معنى "أَوْقَد"، مثل قوله "فلم يستجبه" أي "فلم يُجِبْهُ" وقال الشاعر:
[من الطويل وهو الشاهد السابع والعشرون] :
وداعٍ دعا يا من يُجيبُ الى النَدى * فلم يَستَجِبْهُ عندَ ذاك مُجيبُ
أي: "فلم يُجِبْهُ".