{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للَّهِ فَإِنِ انْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}

قوله {فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} لانه يجوز ان يقول {إِنِ انتَهَوْاْ} وهو قد علم انهم لا ينتهون الا بعضهم فكأنه قال: "إن انتهى بعضهم فلا عدوان إلا على الظالمين منهم" فأضمر. كما قال {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ} [196] أي: فَعَليه ما استيسر كما تقول "زيدا أكرمت" وأنت تريد "أكرمته" وكما تقول "إلى مَنْ تَقْصُد أقصد" تريد "إليه".

{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}

أما قوله {فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ} فان الله لم يأمر بالعدوان، وانما يقول: "إِيتوا إليهم الذي كانَ يُسمى بالاعتداء" أي: افعلوا بهم كما فعلوا بكم، كما تقول: "إنْ تَعاطَيْتَ مني ظُلْما [70ء] تعاطَيْتُهُ مِنْكَ" والثاني ليس بظالم. قال عَمْرُو بن شَأس: [من الطويل وهو الشاهد السادس والثلاثون بعد المئة] :

جَزَيْنا ذَوِي العُدْوانِ بالأَمْسِ مِثْلَهُ * قَصاصاً سَواءً حَذْوَكَ النَّعْلَ بالنَّعْلِ

المعاني الواردة في آيات سورة (البقرة)

{وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}

قال {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} يقول: "إلَى الهَلَكَةِ". والباء زائدة نحو زيادتها في قوله {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ} وانما هي: تنبت الدهن. قال الشاعر: من الطويل وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد المئة] :

كَثِيراً بما يَتْرُكْنَ في كُلِّ حُفْرَةٍ * زفيرَ القواضِي نَحْبَها وَسُعالَهَا

يقول: "كثيراً يَتْرُكْنَ" وجعل الباء و"ما" زائدتين.

{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذلك لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

أما قوله {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} فلأنك تقول: "أحصَرَني بَوْلي" و"أحصرني مَرضِي" أي: جعلني أحْصُرُ نفسي. وتقول: "حَصَرْتُ الرجل" أي: حبسته، فهو "مَحْصور". وزعم يونس عن ابي عمرو انه يقول: "حَصَرْتُهُ [إذا منعته] * عن كُلِّ وَجْهٍ" وإذا منعته من التقدم خاصة فقد "احْصَرْتُهُ"، ويقول بعض العرب في المرض وما اشبهه من الاعياء والكلال: "أَحْصَرْتُهُ".

وقال {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ} أي: فعليه فدية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015