قال أبو جُندب الهذلي (?):
بغيتُهُم ما بين حَدَّا والحَشَا ... وأوردتُهمْ ماء الأثيل فعاصما
ولكن يظهر أن هذه غير حداء التي نحن بصددها، ذلك أنه توجد حَدَّاء أخرى: جبل للجحادلة بطوف يلملم من الجنوب، وكان من ديار هذيل في عهد الشاعر أو قربها، وقريب من حداء الأخير جبل يسمى الحَشَا وواد بنفس الاسم. فلا شك أن أبا جندب عناها.
حِرَاء: بكسر أوله وفتح ثانيه مع المد، من أشهر جبال مكة بل أشهرها على الاطلاق: جبل يقع في شرقي مكة إلى الشمال، فيه الغار الذى كان يتعبد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفيه نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (?).
وكانت النبوة التي عم البشرية نورها ووسعهم عدلها وشغلتهم بركتها، فلا يحرم منها، إلاّ شقي. وله تأريخ طويل وأقوال للمتقدمين فيه لغوية وتاريخية (انظر معجم معالم الحجاز) وقد أكثر المتأخرون من ذكره في أشعارهم، فقد أصبح رمزاً للهداية والإلهام، أما ذكره في الشعر القديم فمنه قول عوف ابن الأحوص:
فإني والذي حجت قريش ... محارمه وما جمعت حِراء
وقال آخر: