يعود إلى أن قُريشاً أمة تجارية ودينية بينما هُذَيل بادية يتنقلون بين الفيافي والفجاج فيصفون الجبال والأودية ويخيلون السحاب ويشاهدون لمعان البرق ويسمعون هدير السيول، فجاء شعرهم ملتصقاً بالطبيعة معبراً عنها أحسن تعبير.
وروى ياقوت في معجم الأدباء (ج 16 ص 141) إنه كان في هُذَيل مائة وثلاثون شاعراً ما فيهم إلا مُفْلِق.
وفي هذه البحوث القصيرة (?) نمر مع شعر هذيل وقريش وغيرهم ممن تفرضه المناسبة ومن ذكر معالم مكة بما يتيسر لنا، ولا أدَّعي الإحاطة.
والآن:
كان هذا تمهيداً لبحوث ومقالات نشرت في الجريدة، وما أنْ رآها من لهم ولع بمثل هذه المعلومات حتى طلب مني كثيرون من الأخوة الأعزاء أن أحيلها إلى كتاب، وما كان الهدف كذلك، غير أنهم أقنعوني، وكان يعضد طلبهم: إن هذه البحوث نشرت في جريدة، والجريدة قد تفوت القارىء، ثم إنها تعرضت لأخطاء مطبعية سيئة أثناء النشر، ثم إن الجريدة يصعب الاحتفاظ بها والرجوع إليها عند الحاجة، فَلَما اقتنعت بنشرها في كتاب كان لا بد من إجراء لمسات وإضافات تليق بما لمكة من مكانة في نفوس الباحثين والعلماء.
فأضفت معالم تأريخية، إما كمواد منفردة أو أثناء ذكرها عرضاً، وجعلت الدليل في آخر الكتاب يوضح مواضعها بدقة.
ثم لا أنكر أن في كثير من هذه المعلومات تكراراً وترديداً لمعالم كثيرة، ولكن يشفع لي إن هذا غيرمقصود، ولكن هذه المعالم تشترك في الشواهد وتتجاور في المواقع والحديث عن أيها يستلزم استحضار الشاهد، وبتكرار الشاهد تتكرر المعلومات، وفي بعض الإعادة إفادة. ولا أنسى هنا أن أشكر أخوة كثيرون تجاوبوا معي، ومدوني بمعلومات عن مواضع أثرية وتأريخية، وبعضهم تطوع بمرافقتي في رحلات حول مكة، وأخص منهم الأخوين: نوار