لكم} وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قصة مسطح، - ثم قال – وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سبيلك؟ " (?) .
وهناك مثالاً لآخر لأئمة أهل السنة، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقرر عقيدة السلف الصالح، ويجاهد بلسانه وسنانه طوائف الزيغ والانحراف، فيرد على أهل الكتاب، ويقمع أكاذيب الباطنية، ويناظر الصوفية وأهل الكلام.... وكل ذلك من أجل بيان الحق وتبليغه.
وفي نفس الوقت فقد كان رحمه الله من أعظم الناس شفقة وإحساناً، وإليك المشاهد الدالة على ذلك:
يقول تلميذه البار ابن القيم: " جئت يوماً مبشراً له (أي لابن تيمية) بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، فسروا به ودعوا له " (12) .
ولما مرض ابن تيمية – مرض الوفاة – دخل عليه أحدهم فاعتذر له، والتمس منه أن يحلله فأجابه الشيخ: ((إني قد أحللتك وجميع من عاداني وهو لا يعلم أني على الحق. وإني قد أحللت السلطان المعظم الملك الناصر من حبسه إياي، كونه فعل ذلك مقلداً غيره.." (?) .
وقال أحد خصومه – ابن مخلوف -:" ما رأينا مثل ابن تيمية، حرضنا عليه فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا " (?) .
أخيراً أدعو إخواني إلى ضرورة معرفة الحق ورحمة الخلق، وأن نهتم بتحقيق العلم والعدل في هذا الشأن، وأن نسعى جادين صادقين إلى تحقيق منهج أهل السنة عقيدة وسلوكاً والله المستعان.