جهاده، ومن أجل نصرة الحق نجده صلى الله عليه وسلم يغضب أشد الغضب فكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب، وكذلك حين رأى بعض أصحابه – رضي الله عنهم – يتخاصمون قي القدر، ثم قال: " مهلاً يا قوم بهذا أهلكت الأمم من قبلكم باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذّب بعضه بعضاً، وإنما نزل يصدق بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه " (?) 1.

ومع ذلك كله فقد كان صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة، قال تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما خير رسول الله صلى اله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما مالم يكن إثماً، كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها (?) .

وتأمل – أخي القارئ – ما لقيه صلى الله عليه وسلم من أنواع الأذى في سبيل دعوته ونصحه للخلق، ولما سألته عائشة رضي الله عنها قائلة: يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد، فقال: لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذا عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال وسلم عليّ ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015