ومنهم جامع المنفذ السالك إلى الله تعالى في كل واد، الواصل إليه من كل طريق، فهو جعل وظائف عبوديته قبلة ونصب عينه يؤمها أين كانت، ويسير معها حيث سارت، قد ضرب مع كل فريق بسهم، فأين كانت العبودية وجدته هناك، إن كان علم وجدته مع أهله، أو جهاد وجدته في صف المجاهدين، أو صلاة وجدته في القانتين، أو ذكر وجدته في الذاكرين، أو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين..يدين بدين العبودية أنى استقلت ركائبها ويتوجه إليها حيث استقرت مضاربُها، لو قيل له: ما تريد من الأعمال؟ لقال: أريد أن أنفذ أوامر ربي حيث كانت " (?) .1
وهذا الصنف الأخير- الذي ذكره ابن القيم آنفاً. هم الصد يقون. سلكوا كل أبواب الخير، وحققوا جميع خصال البر وأعماله (?) ،
كما قال تعالى: {ليس البر أن تولّوا وجوهكم قِبلَ المشرقِ والمغربِ ولكنّ البرَّ من آمن بالله واليوم الآخرِ والملائكةِ والكتابِ والنبيين وآتى المالَ على حبّه ذوي القربى واليتامى والمساكينَ وابنَ السبيلِ والسائلين وفي الرقابِ وأقام الصلاة َ وآتى الزكاةَ والموفونَ بعهدِهم إذا عاهدوا والصابرين في البأسِ والضراءِ وحين البأسِ أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (البقرة، آية 177) .
وخير مثال على الصديقين: أبو بكر الصديق رضي الله عنه والذي كان له السبق في جميع القربات والصالحات.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أصبح منكم اليوم صائماً: قال أبو بكر رضي اله عنه: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟. قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟