ولما سئل ابن تيمية – رحمه الله – عن الأسباب التي يقوى بها الإيمان إلى أن يكمل.. هل يبدأ بالزهد؟ أو بالعلم؟ أم يجمع بين ذلك على حسب طاقته؟
أجاب بقوله: " الناس يتفاضلون في هذا الباب، فمنهم من يكون العلم أيسر عليه من الزهد، ومنهم من يكون الزهد أيسر عليه ن ومنهم من تكون العبادة أيسر عليه منهما، فالمشروع لكل إنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير، كما قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} (التغابن، آية 16) .
وإذا ازدحمت شعب الإيمان قدم ما كان أرضى لله وهو عليه أقدر، فقد يكون على المفضول أقدر منه على الفاضل، ويحصل له أفضل مما يحصل من الفاضل، فالأفضل لهذا أن يطلب ما هو أنفع له، وهو في حقه أفضل، ولا يطلب ما هو أفضل مطلقاً، إذا كان متعذراً في حقه أو متعسراً يفوته ما هو أفضل له وأنفع كمن يقرأ القرآن فيتدبره وينتفع بتلاوته، والصلاة تثقل عليه، ولا ينتفع منها بعمل أو ينتفع بالذكر أعظم مما ينتفع بالقراءة، فأي عمل كان له أنفع ولله أطوع أفضل في حقه من تكلف عمل لا يأتي به على وجهه، بل على وجه ناقص، يفوته ما هو أنفع له " (?) .
وقال – في موضع آخر:-
"وأما ما سألت عنه أفضل الأعمال بعد الفرائض، فإنه يختلف باختلاف الناس فيما يقدرون عليه وما يناسب أوقاتهم، فلا يمكن فيه جواب جامع مفصل لكل أحد....." (?) .
وتحدث ابن القيم عن هذا المعلم فكان مما قاله:
" والمقصود أن الطريق إلى الله واحد، فإنه الحق المبين، والحق واحد، مرجعه على واحد. وأما الباطل والضلال فلا ينحصر، بل كل ما سواه باطل، وكل طريق