"فلا إله إلا الله. كم في النفوس من علل وأغراض وحظوظ تمنع الأعمال أن تكون لله خالصة، وأن تصل إليه؟
فبين العمل وبين القلب مسافة، وفي تلك المسافة قطاع تمنع وصول العمل إلى القلب.... ثم بين القلب وبين الرب مسافة، وعليها قطاع تمنع وصول العمل إليه، من كبر وإعجاب، ورؤية العمل، ونسيان المنة، وعلل خفية لو استقصى في طلبها لرأي العجب، ومن رحمة الله تعالى سترها على أكثر العمال، إذ لو رأوها وعاينوها لوقعوا فيما هو أشد منها، من اليأس والقنوط والاستسحار، وترك العمل، وخمود العزم، وفتور الهمة، ولهذا لما ظهرت " رعاية " (?) 1 أبي عبد الله بن الحارث بن أسد المحاسبي، واشتغل بها العباد، عطلت منهم مساجد كانوا يعمرونها، بالعبادة، والطبيب الحاذق يعلم كيف يطبّ النفوس، فلا يعمر قصراً ويهدم مصراً (2") (?)
ويقول في موضع آخر:
" وسألت يوماً شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن هذه المسألة (تهذيب) الأخلاق وترويضها " وقطع الآفات، والاشتغال بتنقية الطريق وبتنظيفها؟
فقال لي جملة كلام: النفس مثل الباطوس – وهو جبّ القذر – كلما نبشته ظهر وخرج، ولكن إن أمكنك أن تسقف عليه، وتعبره وتجوزه، فافعل، ولا تشتغل بنبشه، فإن لن تصل إلى قراره، وكلما نبشت شيئاً ظهر غيره.
فقلت: سألت عن هذه المسألة بعض الشيوخ، فقال لي: مثل آفات النفس مثل الحيات والعقارب التي في طريق المسافر، فإن أقبل على تفتيش الطريق عنها،