لقد كان للنزعة الإرجائية الكلامية أثر ظاهر في إهمال موضوعات السلوك والأخلاق، فلما كان الإيمان – عندهم – تصديقاً فحسب، أهملوا أعمال القلوب والجوارح. ولما كان توحيدهم – فقط – هو توحيد اعتقاد الربوبية لله تعالى، أعرضوا عن توحيد العبادة والإرادة والطلب، ما يتبعه من الجوانب السلوكية والأخلاقية.
وأما القسم الآخر فهو نماذج مختارة لموضوعات سلوكية، وقد اقتصرت على خمسة موضوعات، وهي: أهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق، وتزكية النفوس، وأعمال القلوب، ومكايد الشيطان، والإخلاص والعجب.
وقد حرصت على الاختصار، مع التفصيل – أحياناً – لبعض المسائل التي قد تخفى على الكثير وأوردت في تلك الموضوعات أمثلة عملية وأقوالاً مأثورة من حياة السلف الصالح، وما كان عليه من سلوك صحيح، وإخلاص لله تعالى، وتحقيق العبودية التامة لله وحده لا شريك له
1 وعندما نورد تلك الأمثلة الواقعية من حياة السلف الصالح، فإننا ((نستغفر الله ن الكلام فيما لسنا بأهل له)) . (?)
وإذا كان الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – يسئل عن أخلاق الورعين، فيقول: ((أسأل الله أن لا يمقتنا)) . (?)
فكيف بحالنا نحن الضعفاء المذنبين؟
لا تعرضن َّ لذكرنا في ذكرهم ... ليس الصحيحُ إذا مشى كالمقعدِ
إن الكاتب في مثل تلك الموضوعات السلوكية قد يجد شيئاً من التردد والإحجام، ويخشى أن يُلبّس عليه الشيطان من خلال هذا الباب، فإن من كيد إبليس على المشتغلين والمتكلمين في الزهد والسلوك أن يلبِّس عليهم أنكم من جملة