وقد اتسع الخرق في هذا الباب، ودخل فيه قوم إلى أنواع الزندقة والنفاق، ودعوى أن أولياء الله أفضل من الأنبياء، أو أنهم مستغنون عنهم ...

وأدخلوا في هذا الطريق أشياء كثيرة ليست من الدين في شئ، فبعضها زعموا أنه يحصل به ترقيق القلوب كالغناء والرقص، وبعضها زعموا أنه يراد لرياضة النفوس كعشق الصور المحرمة ونظرها، وبعضها زعموا أنه لكسر النفوس والتواضع كشهرة اللباس وغير ذلك مما لم تأت به الشريعة، وبعضه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة والغناء والنظر المحرم، وشابهوا بذلك الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً) (?) 1.

إذا تقرر ما سبق، وعرفنا اعتماد السلف الصالح على الكتاب والسنة، وأن طريقهتم في السلوك في غاية الإتباع، وأما أرباب الطرق الصوفية ففي منتهى الإحداث والابتداع. فها هنا سؤال يفرض نفسه وهو إذا لم يتيسر المسلك الشرعي الخالص إلا بنوع من الابتداع فما العمل؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – مجيبًا عن هذا السؤال: ((وقد يتعذر أو يتعسر على السالك سلوك الطرق المشروعة المحضة إلا بنوع من المحدث لعدم القائم بالطريق المشروعة علماً وعملاً، فإذا لم يحصل النور الصافي، بأن لم يوجد إلا النور الذي ليس بصاف، وإلا بقي الإنسان في الظلمة، فلا ينبغي أن يعيب الرجل وينهى عن نور فيه ظلمة، إلا إذا حصل نور لا ظلمة فيه، وإلا فكم ممن عدل عن ذلك يخرج عن النور بالكلية..)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015