وليس هذا فحسب، بل أغلوا في الانحراف والإعراض عن هدي الله تعالى، حتى قال قائلهم: حدثني قلبي عن ربي وقال بعضهم: نحن نأخذ علمنا من الحي الذي لا يموت وأنتم تأخذونه من حي يموت، وقال الآخر: العلم حجاب بين القلب وبين الله عز وجل، وقال رابعهم: إذا رأيت الصوفي يشتغل بـ ((أخبرنا)) و ((حدثنا)) فأغسل يدك منه!! .

قال أبو الوفاء ابن عقيل (ت 513هـ) في نقد تلك الأقاويل:

(. فإذا قالوا (أي الصوفية) عن أصحاب الحديث قالوا: أخذوا علمهم ميتًا عن ميت، فقد طعنوا في النبوات، وعولوا على الواقع، ومتى أزري على طريق، سقط الأخذ به ومن قال: حدثني قلبي عن ربي فقد صرح أنه غني عن الرسول، ومن صرح بذلك فقد كفر، فهذه كلمة مدسوسة في الشريعة تحتها هذه الزندقة، ومن رأيناه يزري أن يكون من إلقاء الشياطين ن فقد قال الله عز وجل: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم} (الأنعام آية 121) .

وهذا هو الظاهر، لأنه ترك الدليل المعصوم وعول على ما يلقى في قلبه الذي لم تثبت حراسته من الوساوس)) (?) 1.

وقال ابن القيم معلقاً على تلك العبارات:

((ومن أحالك على غير ((اخبرنا)) و ((حدثنا)) فقد أحالك إما على خيال صوفي، أو قياس فلسفي، أو رأي نفسي، فليس بعد القرآن و ((ـخبرنا)) و ((حدثنا)) إلا شبهات المتكلمين، وآراء المنحرفين، وخيالات المتصوفين، وقياس المتفلسفين، ومن فارق الدليل ضل عن سواء السبيل، ولا دليل إلى الله والجنة سوى الكتاب والسنة، وكل طريق لم يصحبها دليل القرآن والسنة فهي طريق الجحيم والشيطان الرجيم)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015