هذا إلى الظن بأن الحيثيين جاءوا غزاة إلى شبه الجزيرة واستقروا بها؛ وخاصة لأن النصوص الحيثية المسمارية كانت تختلف في لغتها عن النصوص المسمارية التي سبقتها والتي أدخلها التجار الآشوريون؛ كذلك يبدو واضحًا أن مظاهر حضارية متشابهة بصفة عامة سادت في أنحاء شبه الجزيرة منذ أن سيطر عليها الحيثيون، وعلى هذا فإن مظاهر الحضارة الحيثية تمثل بشيء من التجاوز المظاهرَ التي سادت في شبه الجزيرة، وبما أن الحيثيين ينتمون إلى عناصر هندو أوروبية؛ فإن حضارتهم وإن تأثرت بحضارات جيرانهم يغلب عليها طابع يختلف عن طابع حضارات الشعوب السامية المجاورة، ومن دراسة مخلفاتهم الحضارية يتضح لنا أن الحيثيين كانوا من أكثر الشعوب القديمة تقدمًا في النواحي التي تتميز بها الطبقات الحاكمة؛ فقد امتازوا في الشئون الحربية والسياسية والقانونية؛ ولكنهم لم يصلوا إلى مرتبة عالية في النواحي الدينية والأدبية، أما فنونهم فقد بلغت مرحلة متقدمة وإن كانت لم تصل إلى حد التفوق والعبقرية.

ومع أن هناك بعض الصعوبات التي تعترض الباحثين في دراسة الحضارة الحيثية كنشأة الهيروغليفية الحيثية وتفسيرها؛ فإن من الممكن تتبع المظاهر العامة لتلك الحضارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015